بصمة نهاد – الحق والباطل مشهد أبعد مما نراه

بقلم : د.نهاد عياد 

كاتبة دولية – مدربة دولية معتمدة

( تنمية بشرية وتطوير الذات )

أخصائي التحاليل الطبية – التغذيه العلاجية – التجميل الغير جراحي 

خلق الله تعالى الكون وجعل فيه الحق والباطل متجاورين

ليُبتلي الإنسان بالتمييز بينهما 

ولتُختبر بصيرته في رؤية ما وراء المظاهر 

فكثيرًا ما تختلط الحقائق بالأوهام فيقف المرء حائرًا بين ما تراه عيناه وما يهمس به ضميره

خاصة أنه في زمننا هذا بدا الباطل متزينًا بلباس الحق بينما صار الحق ذاته محجوب خلف ضجيج الباطل 

مما يُغشى الأبصار ويُضلل الألباب 

لكن الحقيقة أن ما نراه ليس إلا جزءًا من لوحة كبرى

فالحق أكبر من أن يُختزل في لقطة والباطل أضعف من أن يستقر مهما تجمّل أو بدا متماسكًا 

كما قال الله تعالى في كتابه العزيز :

{ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} الأنفال : 8

{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } الإسراء : 81

سمات الحق

الحق لامع أينما وُجِد .. تتلألأ علاماته في السلوك والقيّم :

 • الصدق: القول المطابق للفعل والنوايا النقية من الزيف

 • العدل: إعطاء كل ذي حق حقه بلا ظلم أو ميل

 • الإخلاص: العمل خالص لوجه الله بعيدًا عن الرياء والمصالح 

 • الأمانة: صون العهود ورد الحقوق

 • الرحمة: مواساة الضعفاء وإقامة ميزان الإنسانية

 • التواضع: إدراك أن القوة فضل من الله لا وسيلة للطغيان

قال تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ } النحل: 90

الثبات على الحق

سيصادفك من هو راسخ على الحق ومن هو ماضٍ في الباطل 

ومن انحرف عن الطريق المستقيم بعد أن كان من أهله إما لأن الله طبع على قلبه أو لأنه لم يُكتب له الثبات 

فلا تتراجع ولا تيأس إن تغيّرت القلوب وانقلبت الموازين  

فذلك من مظاهر الفتن التي قد يُبتلي بها العباد

وقد أمرنا رسول الله ﷺ بالتعوذ من هذه الفتن فقال:

«اللهم إني أعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن»

فالثبات على الحق لا يُقاس بأهواء البشر ،

بل برضا الله وراحة الضمير ، وسلامة القلب وإخلاص النوايا والتمسك بنور الطريق مهما سعي الباطل مضللاً.

وكما قال الإمام علي – رضي الله عنه – :

«الحق لا يُعرف بالرجال وإنما يُعرف الرجال بالحق»

ويُذكّرنا القرآن الكريم بقوله تعالى:

{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } هود: 112

أقنعة الباطل: 

تبدو كثيرة لخداع الناس وتتزيين الشر لنفوسهم

  • الكذب وتشويه الحقائق

 • النفاق والرياء

 • الأنانية والطمع

 • الخيانة

 • الفساد والغش

 • المال الحرام

 • الاستبداد والغرور

 • الفتن وإثارة الشبهات

 • الإعلام الموجَّه لتزيين الباطل

 • السلطة الجائرة باسم المصلحة العامة

قال الله تعالى:

{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون }التوبة: 32

الحق يعلو على الباطل عبر الزمان

مهما طال الباطل فالحق منتصر وهذه شواهد التاريخ:

 • أبرهة جاء ليهدم الكعبة ، فأهلكه الله بحجارة من سجيل.

 • فرعون مصر طغى وادّعى الألوهية ، فكان غرقه آية باقية.

 • أبو جهل وأبو لهب حاربوا الإسلام، فصار ذكرهم لعنة، بينما بقي الإسلام نورًا ممتدًا.

 • نيرون الروماني حكم بالرعب والطغيان ، فانتهى ملكه باللعنة.

 • الاستعمار الغربي انهزم أمام إرادة الشعوب.

 • النازية انهارت سريعًا وصارت رمزًا للباطل الزائل.

 • وإلي يومنا : صمود فلسطين شاهد على أن الحق لا يُقهر.

أثر الحق والباطل على النفس

 • يمنح ثباتًا في المواقف.

 • يزرع في القلب طمأنينة وسكينة.

 • يضيء البصيرة صوّب الطريق.

قال الله تعالى:

{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد: 28

أما الباطل

 • يترك صاحبه مهزوزًا مهما تزيّن.

 • يسلبه راحة البال.

     • يكتوي في جحيم داخلي متقد لا ينطفئ

قال الله تعالى:

{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا } طه: 124

وأخيرا 

سيظل الصراع الأبدي بين الحق والباطل معركة أزلية وإن طالت 

فسيبقى الحق نورًا في جوهره لا ينطفئ بينما الباطل دخان يتبدد مع أول نسمة ريح

قال الله تعالى:

{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } الأنبياء: 18

وقد أخبرنا النبي ﷺ:

«يأتي على الناس سنوات خدّاعات يُصدَّق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخوَّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة»

قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: «الرجل التافه يتكلم في أمر العامة»

ولا منجي إلا الله 

اللهم نوّر بصائرنا وثبتنا على القول والعمل وارزقنا الصدق والإخلاص واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم 

وأرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

لمتابعة المزيد من مقالات د. نهاد عياد 

https://linktr.ee/drnehadaiaad