مقاومة الإنسولين.. البوابة الصامتة لأمراض العصر بقلم د. معتز حجازي استشاري التغذية العلاجية وعلاج السمنة

في عالم تتزايد فيه الضغوط اليومية وتتغير فيه العادات الغذائية والنشاط البدني، تظهر مقاومة الإنسولين كحالة صامتة تشكل الجسر الخفي نحو عدد من أخطر أمراض العصر، وعلى رأسها داء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية.

ورغم خطورتها، لا تُعد مقاومة الإنسولين مرضًا قائمًا بذاته، بل حالة أيضية مزمنة تتفاقم ببطء، وغالبًا ما تمر دون ملاحظة حتى تصل إلى مرحلة الخطر.

ما هي مقاومة الإنسولين؟

تخيل أن الإنسولين هو "المفتاح" الذي يفتح أبواب الخلايا – خاصة العضلات والكبد والدهون – لتمكين الجلوكوز (السكر) من الدخول واستخدامه كمصدر للطاقة.

في حالة مقاومة الإنسولين، تصبح الخلايا "صمّاء" جزئيًا لهذا المفتاح، فلا تستجيب له كما ينبغي. وبالتالي، يحتاج الجسم إلى كميات أكبر من الإنسولين لإدخال نفس كمية الجلوكوز.

يبدأ البنكرياس في تعويض ذلك بإفراز المزيد من الإنسولين، مما يحافظ مؤقتًا على مستوى السكر في الدم. لكن مع مرور الوقت، يُرهَق البنكرياس ويعجز عن مواكبة الطلب، فيبدأ السكر في الارتفاع تدريجيًا حتى يصل إلى مرحلة ما قبل السكري، ثم السكري من النوع الثاني.

لماذا تحدث مقاومة الإنسولين؟

لا يوجد سبب واحد، بل مجموعة من العوامل تتفاعل معًا، منها:

الوزن الزائد ودهون البطن (الحشوية): الدهون العميقة تفرز مواد تعيق فاعلية الإنسولين.

قلة النشاط البدني: العضلات الخاملة أقل كفاءة في استخدام الجلوكوز.

نمط غذائي غير صحي:

الإفراط في السكريات والمشروبات المحلاة.

كثرة الكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض والأرز والمعجنات.

قلة الألياف الطبيعية الموجودة في الخضروات والحبوب الكاملة.

تناول الدهون غير الصحية، خاصة المتحولة والمشبعة.

التوتر المزمن وقلة النوم والتدخين.

العوامل الوراثية والتاريخ العائلي للإصابة بالسكري.

التقدم في العمر ومتلازمة تكيس المبايض لدى النساء.

الأعراض التي قد تنبهك:

شعور بالتعب والإرهاق المستمر

جوع متكرر بعد الأكل

صعوبة في فقدان الوزن أو زيادته بسهولة (خاصة في منطقة البطن)

عطش وتبول زائد (في مراحل متقدمة)

بقع داكنة في الرقبة وتحت الإبط (الشواك الأسود)

المضاعفات المحتملة:

إهمال مقاومة الإنسولين لا يؤدي فقط للإصابة بالسكري، بل قد يسبب:

أمراض القلب وتصلب الشرايين والسكتات

مرض الكبد الدهني

مشاكل الخصوبة وتكيس المبايض

زيادة خطر بعض أنواع السرطان

تراجع في القدرات الذهنية والذاكرة

في الختام

مقاومة الإنسولين ليست قدرًا محتومًا، بل يمكن الوقاية منها أو عكسها باتباع نمط حياة صحي:

نشاط بدني منتظم، غذاء متوازن، نوم جيد، تقليل التوتر، وفحوصات دورية.

حافظ على صحتك... فالاكتشاف المبكر نصف العلاج.