Ticker

6/random/ticker-posts

صرخات مكتومه رؤية فنية من رواية بيت من لحم للاديب يوسف إدريس

 


بقلم د/ مينا كمال جاد


الظلام يحل .. 

وعند حلول الظلام ، تتغير الأحداث ، تتغير الشخصيات ، بل ويتغير كل شئ ، فمن كان في الصباح عصبياً .. يحل علية الليل هادئاً . 

ومن كان في الصباح شاقياً ، يحل علية الليل بالراحة التامة .

في الليل تتبدل الأدوار ، وتهدأ الأحداث . 

فكما خُلقَ الليل راحة لنا ولأجسادنا ، أيضاً هو راحة لأفكارنا التي لا تهدأ . 

ولكن ... 

تختلف الأحداث لدي عائشة وبناتها ، ف الليل لديهم يختلف تماماً . 

حيث يأتي الليل .. 

تطفئ عائشة المصباح ، وترتدي الخاتم علي استحياء . 

تريد أن تهنأ ببعض الراحة ، بالهدوء ، بالسكينة . 

ولكن .. 

يأتي الليل دائماً بعكس إرادة عائشة .. 

حيث يأتي الليل ، ويحل معة التعب ، والشقاء . 

ففي الليل تبدء المعاناة الحقيقية لعائشة ، التي ما دامت تعمل كثيراً ، حتي تنشغل عن أفكارها وهواجسها . 

إلا أن يأتي الليل ليخترق آلامها دون رحمة أو شفقة ، يتوغل داخل أفكارها ، يُشعل نيران الذكريات ويُغرقُها في حنين أيامً قد مضت ، يُفتشُ داخلها دون استئذان .

بالكاد تستريح عائشة ، ولكن ظاهرياً ، وداخلها نار تحرق كل أرجاء ذكرياتها وحنينها ، تعلو أنفاسها ، تتذكر زوجها المتوفي الذي ذهب والعمر لديها مبكراً . 

تتساءل : كيف حال بنات جيلي أثناء الليل ؟؟ 

زوجها بجوارها ، الحب ربما سوف يبدء ، الأشواق تتسارع ، الأنفاس عالية ، النظرات حائرة ، اللمسات قوية ومتفرقة ، ولكن هذا ما يُستحب لها . 

ولكن عائشة .. 

تنظر للسقف ، تحاول ان تتذكر ، ولكن .. هناك أشياء تتذكرها جيداً ، وأشياء أخري ربما تتذكر منها ما تريد ، وغيرها لا تريد ان تتذكرها . 

أيضاً بنات عائشة ، يفكرون ، يشعرون ، يتمنون .. ولكن عزائهم في لحظة أمل تأتي ، لحظة أمل لفتح باب الحب الأول . 

الحب الذي سوف يغرق ، حُباً ، وحنيناً ، وأشتياقاً . 

الحب الذي سوف يغرق في ملذات الدنيا والحياة . 

ولكن متي يجئ هذا الحب المنتظر ، ف بنات جيلهم ، ينعمون بذلك الحب ، يغرقون بكل جوانبه ، أصبحت أحاسيسة الماء التي تروي تشققات الأرض البور . 

بنات عائشة علي أمل أن تأتي هذة اللحظة والسؤال الذي يتوغلهم ، كيف لنا بحياةً مثل هذة ونحن قبيحات الشكل ؟؟ ، ويُستر الجسد علي استحياء ؟ ، فمن يريد أن يتزوج سيدة لجسدها دون شكلها ؟؟ .

والرجال .. عين تأكل قبل إطعام الجسد . 

إن لم يكن معة زوجةً جميلةً ، تفتح نفسة ، وتثير رجولتة ، وتحمي عواطفة ، وتسكن أفكارة ، ربما لا يجرؤ في الأقتراب منها ليشبع رجولتة . 

ولكن بنات عائشة يغفلون أمر هام ، ربما الرجال هكذا يفكرون ، ولكن ليس جميعهم هكذا !! ، لأنه توجد رجال كالخنزير ، إن لم يأكل من القمامة فربما لا يشعر بالشبع . 

وهكذا يأتي الليل علي عائشة وبناتها ، كل واحدةً منهم تغني علي ليلاها . 

حتي تأتي الساعات الأولي من الصباح .. 

ربما تأتي متأخرة ، بعد جهاد عميق طوال الليل في افكارهم ، ولكنهم يعلمون أنهم سوف ينامون علي شقاء ويستيقظون أيضاً علي شقاء آخر ، وشقاء يرهق الجسد ، ويرهق أنوثة كانت ساخنة وفائرة ليلاً حتي تهدأ من أفكارها التي نامت ليلاً وهي النار تأكلها لتستيقظ علي رماد تريد إحتوائة أمام الجميع ، وكأن لم يكن شيئاً ، حيث يتظاهرن بالتماسك والقوة والثبات . 

ولكن من الجميل أن تعيش مكسوراً ومهموماً وضعيفاً ، والأجمل أن تتظاهر بالتماسك والبهجة والقوة ، حتي لا يعلم عنك أحداً أنك ضعيف وهزيل وأنك نقطة ضعف لذاتك . 

ولكن ما يهون الأمر أكثر عليهم ، ويلقي بكل ذلك الي خلفهم ، ونسيان لحظات ضعفهم ، هو صوت  الرجال . 

ف يأتي العصر ويلحق أذانهم ومشاعرهم وخواطرهم صوت ذلك القارئ ، فيحل عليهم الشيخ حسن ، الشاب اليافع ، الذي جعل من قوة صوتة وعذابة قراءتة ، صوت لا يتخلي عنة جميع سكان المنطقة . 

ولكن ليس كل حلو يكتمل ، بالكاد الشيخ مهتم بأناقتة ، وحريص علي لياقتة ، وجدير بلباقتة ، ولكنة كفيف وهنا تكمن حسرتة . 

يحضر ذلك الشيخ الي منزل عائشة بعد صلاة العصر ، ليقرأ ما يُطيب أنفس الساكنين في المنزل ، عذوبة صوتة ، تثير الأفكار الدينية ، وتبعد الأفكار الشيطانية ، ف الصوت الجميل .. إنما يقرأ أجمل ، النبرات عذبة .. بينما الآيات أعذب . 

ف بصوتة تطرد الأفكار السيئة ، وتحل محلها الأفكار الجميلة ، يذوب الشقاء وأفكارة ويتذكروا الصلاة بحلو التلاوة . 

ف يالها من لحظات تمحو جميع أفكار الليل السيئة ، لحظات تمحو الذنوب ، لتحل محلها البركات ، تلك اللحظات ربما قليلة جداً ، ساعة واحدة في الأسبوع كفيلة أن تغرق المنزل هدوءً وسكينةً ، وتُغرق المنزل أيضاً في النعم والبركات . 

نعم !! هي ساعة واحدة ، لكن القليل من التلاوة يشبع الروح ، يروي الظمأ ، يُمني النفس ، يهون اللحظات ، ويقتل التفكير . 

يوجد الصمت ، يعُم المكان ، يفترش في جوانبة ، يتمكن من أساساتة ، ولكنة صمت روحي ، صمت أرتواء ، صمت حياة . 

وسرعان ما تمر هذة الساعة إلي خلاء ، فربما يأتي بعدها البلاء ، وتبدء مرة أخري حياة الشقاء . 

تعود عائشة مرة أخري لأفكارها ، وأيضاً بناتها لأفكارهم ، ليأتي الشيخ مرة أخري ليهدم أفكارهم بأجمل تلاوة . 

لم يدركوا جميعاً قيمة هذة النعمة في وجود الشيخ ، ولكن عدم وجود الشيخ الذي انقطع فجأة أثار جعبتهم الفكرية ، كيف ينقطع صوت تلاوة الشيخ علي روح المرحوم الذي فارق الحياة منذ عامين ؟ ، فلماذا لا ينقطع سابقاً ؟ ، ولماذا وجد من الأساس ما دام سوف ينقطع ؟ . 

أصبح صوت الشيخ لديهم كالمادة المخدرة ، صوتة هو من يعزلهم عن اضطرابات شديدة ، وأصبح عدم سماع صوت الشيخ بمثابة انقطاع حياة ، أدركوا أن سماع صوت الشيخ ، وكأن رجل معهم ، يساندهم ضعفهم ويقوية ، ربما لا يعيش معهم ولكن المنزل بحاجة لصوت رجل يشبع أركانة ويغذية لتستمر الحياة .

الحياة بعد صوتة أصبحت خالية وخاوية ، مترنحة ومضطربة . 

أخيراً .. قررت عائشة أنها لا تدع الوضع هكذا ، ولابد ان يعود الشيخ للقراءة في منزلها وإن لم يكن علي روح المرحوم ، ف القراءة هذة المرة للخشوع ، للعبادة ، ولسماع التلاوة . 

ولكن بنات عائشة يقترحون ويتشاورون ثم يقررون أن لابد من وجود الشيخ بينهم ، في وسطهم ، ربما يكون هو مفتاح الأمل لأولئك البنات ، وربما هو المنقذ ، وربما هو طُعم فارس أحلامهم ، هكذا فكروا ، ولكن من سيُضحي من أجل الأخرين ، ولكن بعد كل هذا التفكير هل سيقبل الشيخ أن يعاود التلاوة وأن يُسمع صدي صوتة في كل مكان . 

تأتي الأجابة سريعاً من عائشة أن الشيخ قادم قادم لا محالة ، وهنا تُلقي الشباك علي الفريسة ، الجزء الناقص من الخُطة قد أكتمل ، تنقصة فقط اللمسات الأخيرة ، وهي غلق الشباك علي الفريسة ليتمكنوا من أصطيادها حقاً ، لتفاجأ عائشة أنها الضحية والفريسة . 

الموافقة لن تتأخر ، والرضا لم يتم ، ولكن الأم الحقيقية هي من تضحي من أجل ابنائها ، فكيف القطة تلقي بنفسها في النهر من أجل أبنائها ؟ ، وعائشة لم تضحي من أجل بناتها ؟ .

لم تكن هذة هي المرة الأولي لعائشة ، وأيضاً المرة الأولي لم تحتسب المرة الأولي كانت لرجل كبير وعجوز ، أضناة المرض ، بل وسيطر علية ، تمكن منة .. فكان رجلاً شكلياً لا بدنياً ، تشققات وكتل وفجوات ، جعلتة أباً بالصدفة وبدعي الوالدين ، ولكن بالحقيقة حُسبت علي عائشة زيجة ، ولكن صبرها زرعة ثلاثة بنات بريئات بين ساعديها ، حاربت من اجلهم ، وأمام أعينها مستقبلهم ، ضحت من أجلهم ، فلم تبالي ولا تكترث هل هي سعيدة مع زوجها أم لا ؟ ، فكيف لا تضحي من أجل بناتها مع رجل أهلكة المرض ، ولكن أنقذها من ذئاب بشرية كانت لو أمتلكتها لتركوها تنزف ندماً علي لحظة تم نهشها بدون رحمة أو شفقة ، وذلك لأنها كالغزالة المرغوبة ، وكالفرسة المنصوبة . 

مرة أخري ، يعود الوصال ، ويقطع الانفصال ، ويضئ الهلال ، وبالصبر ينال ، وتتلي تلاوة الرجال . 

عاد الشيخ حسن مهموماً ، جريحاً ، عاد ليستمع أهانتة بأذنية ، ولان البصر مغضوض ، إلا أن الأذن منفتحة ليميز بها كل شئ ، الأهانة تأتي من أنصاف رجال ، ولكنة لا يستعجب هذا الحال ، وكلماتة الداخلية ، آه لو أنني أُبصر .. نعم !! الشيخ صاحب عاهة ، وكل ذي عاهة جبار ، والأن علية أن يتحلي بالصبر ، لأن لكل وردة وقت لقطفها ، ولكل أذانً وقت ، ف الوقت ليس وقتة ، ورد الشرف بالأصول يُنال .. ويحصد . 

عاد الشيخ حسن ، والأستقبال حار ، والأهمال لم يعد موجوداً ، حتي أن الصمت لم يكن كما كان ، شعر وكأنة شخصية هامة ، حتي أن الماء الذي كان يرتوي منة قديماً أصبح وكأنة ماءً من زمزم ، يعلم أن عائشة جميلة ، وبالطريق صُدم من قباحة بناتها ، في داخلة الماء قُدم من عائشة لجمالها ، ولكن من أعطتة شربة الماء هي إحدي القبيحات ، وقتها شعر أن الأمر به شئ ، وليكن ، حاول بداية القراءة ، إلا أن عرض الزواج إنهال علية بدون مقدمة أو مبرر ، ولم يكن يستطيع الشيخ بالأعتراض ، وذلك لأن الأسباب قوية ومقنعة ، وأيضاً الثأر للشرف الذي طُعن فية ، بالكاد حاول الشيخ بعدم الإجابة ، ولكن أسباب قوية من ثلاثة بنات لا تُرد ، والأم جالسة ، لعلة يرفض ، إلا أن القبول تم ، وتصاعدت أهازيج الفرح من منزل قتلة الصمت مع سبق الأصرار والترصد . 

الآن .. منزل عائشة الذي ما دام ضيقاً عليها وعلي بناتها ، أصبح أضيق ، ولكن العزاء في الرزق الذي ربما أتسع قليلاً ، والأحتمال أيضاً من أجل قطع الألسنة الزائفة التي جعلت من شرفها أقرب من قصة ألف ليلة وليلة ، والصبر من أجل أن الرجال لمجالس الرجال ، ولعل الرجال تأتي لحصد بناتها ، وتذهب كل واحدة منهم لبيت رجُلها . 

الفرح تم ، والمباركات تمت ، والألسنة قُطعت ، والرجال شهدت ، والعقود كُتبت ، والدخلة قرُبت . 

العروسة لم تكن المرة الأولي لها ، والعريس جديد ، والمنزل قديم . 

البنات لأول مرة منذ فترة ، لم يستريحوا بغياب أمهم ، ولم يستريحوا في مكانهم الموعود ، ربما يستريحوا قريباً ، ولكن لابد من احتمال قطع العادات ، الحاجز بينهم هذة المرة ، ليس باباً ، ولكن الحاجز رجلاً ، ورجلاً غير أبوهم ، ومختلف نهائياً عن والدهم ، فلا وجة شبة تماماً بين عاجزاً وشاب ، بين أبً وزوج أم ، بين مريض وغير مريض . 

العريس هو شاب يافع ، قوي ، يتمتع بصحة هائلة ، نسيَ في هذة اللحظة أنه كفيف ، ثائراً ، فائراً ، لا يتحمل الأنتظار ، مشاعرة فياضة ، أنفاسة تتصارع ، لا يطيق هول الحرمان ، اليوم ينام مستريحاً بدون أحلام ، اليوم يقتل الأوهام ، يعلم جيداً أن أكل اللحم شئ ، واللهو باللحم شئ آخر ، صحيح أنه متدين وعلي خُلُق ، ولكن هذا حلاُلً حلال ، وعلي سُنة الله ورسولة ، يعلم جيداً ما سيفعلة ، ويعلم جيداً أنه بصدد هدم كل جدران الخجل ، هو صاحب الشهوة المتأخرة والمكتومة ، ويعلم أنة سوف يُغرق عروستة في بحر المتعة والرومانسية ، ويعلم أن لمساتة ما هي إلا لعَصَرَ المشاعر المكبوتة والمحرومة ، وأن أصواتها سوف تدمر حصون الصمت والحرمان ، وأن ارتجاف مشاعرها سوف يقلب الغرفة رأساً علي عقب ، وأن الأشياء بالغرفة تتناثر وتتبعثر مثل تناثر شعر رأسها وتبعثر قواها الجسدية . 

وها هي العروسة ، تجلس في غرفتها ، ويبدو علي ملابسها عدم الرضا واللامبالاة ، تعلم جيداً ما يتوجب عليها فعلة ، ولكنها لا تكترث ، ما يشغل تفكيرها أن الرجال سواسية ، وأن هذا الشاب لا يضيف كثيراً ، وأن ما فعلة السابقون ، ربما اللاحقون يتبعون خُطاهم ، ولا يختلفون كثيراً ، وأنهم جميعاً مثل حرف الألف ، والقاموس واحداً ، وأن السابق أيضاً سيكون أفضل لأنه يري وينظر ، وأيضاً أن العريس الجديد من أرباب الدين ، وما علي الشيوخ إلا الحرص والأنتباة والألتزام ، وكما انه يُعلم في الكُتاب يريد من يعلمة أمور الحياة ، وان الدين يحلل هذا ويحرم ذاك ، وأن لكل شئ أوان وميعاد وأن قبل الصلاة يتوجب علية عدم الهمس واللمس والغمز واللمز ، تعلم أيضاً انها لن تعيش الحياة الراغدة ، وأنها خُلقت لاداء واجبات ملزمة بها ، ولكن ليس مهماً ما هي تريدة ، وهي فقط خُلقت لتضحي من أجل إسعاد الأخرين ، ولكن أين سعادتها .. لا يهُم ؟ . 

حتي عند محاولات زوجها ، طعنتة ، متخيلة أنها طعنة خفيفة ، والسبب أن البنات خارجاً ، ولا تستطيع فعل شئ يشعرون به يتسبب في جرح كرامتهم ، والحُجةً أيضاً ، كيف تفعل والدتهم هكذا فعل ؟ ، وبالسابق كانت ملك لرجل آخر عجوز ، ربما القادم أفضل وأحسن ؟ وهذا ما يصبر فؤادهم . 

وهنا رضخ الشيخ حسن لزوجتة ، وهذا الفعل فجأها ، ربما توقعت استعجال شبابي ، وأنه سوف يهنأ بها رضيت أو لم ترضي ، فربما صبر الشيخ صدمها وقبل بما أرادت ، ولكن بما أن لم يحدث شيئاً مما توجب فعلة ، فلا يستوجب أيضاً التأخير عن فريضة صلاة الفجر الواجبة والنافذة ، والوضوء إن لم يكن في البيت ، وجب الوضوء بالمسجد ، والحضور أول المصلين أجُرً لا يضيع عند الله .

تتم صلاة الفجر ، ويتم تسليم الفرض ، والحاضرون حائرون ، لا يهُم من يأُمهم منهم ، لأن الشيخ العريس ربما غارق في ملذات الدنيا ، والصاعقة أن الغارق وجودة حارق ، والسؤال أن الملذات خائبات وغير قادرات ؟؟ ، وجواب الشيخ أن فرض الله أولي وأحب الي قلبة ، وأن هُنا وجب الدعاء في بيت الله وأمام المُصلين علي الادعاءات الكاذبة والكلام المغلوط ، وهنا تم الرد ، والثأر ثأرين ، ورد الكيل بمكيالين ، وإن من لا يحلو له هذا الدعاء فحائط المسجد أقرب . 

هُنا أدرك الحاضرون ، أن عائشة بالفعل زوجة ، والأسد حاضر وبقوة ، وهذا ما لم يظهر علية من قبل ، هذة المرة الأسد جاسور وغيور ، وأن من يستطيع الأقتراب لسمعة زوجتة ، فالترحاب موجود من زوجها وبخلفة كلمة    الله . 

وعند عودة الشيخ لمنزلة ، بعد الصريخ والنواح ، كانت حجتة لبنات زوجتة حاضرة ، كيف لرجلً في منزل لم يحضر طعامهم وإحضار الطعام علي البنات ؟ ، وكيف يحل فرض الله ولا يستجيب ؟، هذا ما أثلج ثوران عائشة وبناتها ، وما أروع أن تطفئ لهيب النار بكلمة خير واجبة . 

أدركت عائشة أن بعد مرورها هذا السن إلا أن زوجها الشاب الصغير قد أحرجها ، وقد القاها في حفرة الندم علي ما فعلت ، وأن إعطاء كل ذي حقً حقهُ ، وإن الطاعة من الزوجة لزوجها ليس منكراً ، وأن الزوج لابد أن ينعم بحقوقة مع زوجتة ، فلا يُحرم ما أحلةُ الله لعبادة ؟ . 

سرعان ما استفاقت عائشة من غفلتها وأخذت زوجها في غرفتة لتعتذر له عن ما بدر منها ، وأنها لم تفعل ذلك مرة أخري ، إلا أن زوجها أدرك ذلك بذكاء ، ليُعطيها خيطاً آخر للندم والحسرة ، حيث فجأ الشيخ زوجتة عائشة بهدية زوجية ، وهي قميص نوم أحمر ستان قصير ، يُظهر مفاتن زوجتة من الجانبين ، ومن كل جانب أيضاً ، مخبراً أياها أنه لن يفعل شيئاً سوي بإرتدائها هذا القميص وبصحبة الدبلة أيضاً تلك هي علامة الرضا والاتفاق ؟  ، لتتفاجأ عائشة أن الشيخ يعلم ما هو يُهديها برغم أنه يعجز عن رؤيا الهدية ، وتعلو ضحكات امرأة متفجرة الأنوثة . 

وأثناء وجبة العشاء الذي لم يأكُل بها الشيخ كثيراً ، نوهت له عائشة عن الأكل جيداً ، لتُحبط محاولاتها من ابنتها وتدخل غرفتها بضيقة ، والشيخ يجلس مع بناتها يستكشف ، هل ستكون العلاقة بينهم جيدة أم ماذا ؟ ، وينجح الشيخ كعادتة في تلطيف العلاقات ، وكسب الأمور لصالحة ، فلا يوجد ما يستوجب لرفض تناول كوب الشاي بعد الطعام ، وهذا ما إعتاد علية ، ومن ناحية أخري يستكشف جوانب شخصياتهم اتجاهة ، تحدثوا جميعاً وتشاوروا وتناوبوا الضحكات ، لا بأس ، فالأمور طيبة ، والقادم أطيب بكثير ، ينتهي كوب الشاي وتنتهي الجلسة ، وأكواب الشاي قادمة ، والجلسات أيضاً تنعقد ، ولكن الأن قد حان وقت الراحة ، ينصرف الشيخ الي غرفتة ، وتنصرف معة الضحكات ، وينصرف معه أيضاً الأصوات ، ويحل الصمت ، ويحل معة الظلام . 

يدخل الشيخ غرفتة للراحة ، اليوم ملئ بالأحداث ، والجسد مُنهك من الأحداث ، يستلقي علي سريرة ، وتستلقي أيضاً عائشة ، يستريح شيئاً فشيئاً ، وعائشة بجوارة مضطربة ، تنظر له وهو لا يستطيع ، تحاول أن تلفت الأنتباة ، وكيف تصنع هذا وزوجها كفيف ؟ ، تكبت مشاعرها ، وزوجه لم يشعر ، عائشة حائرة ،    تريد !! والرغبة تريد ، والمشاعر تغرق في إرادتها، كيف تفعلها ؟ ، وكيف الحرب الرومانسية تبدء من زوجة خجولة ؟ ، الآن تريد بداية المعركة من زوجها لتجلعة فارس الفرسان وقائد المعارك والحروب ، وتعده أنها سوف تكون عجينة خاملة بين يدية يفعل بها ما يريد ويقطعها كيفما يشاء ، ولكن يبدء . 

عائشة أصبحت كالفتيات الصغيرات ، فائرة مثل غليان الماء ، ثائرة مثل البركان ، هائجة كأمواج البحر ، ترغب في لمسات قوية ، نظرات رومانسية ، أنفاس متهافتة ، تصريحات مجنونة ، ولكن الإثارة كيف تبدء ، ها هي تضعف ، لا تستطيع كبت مشاعرها أكثر من ذلك ، لا تقوي علي قواها ، فها هي تبدء السن الحرج ، السن الذي إن لم يرتوي الآن سيموت عطشاً . 


أخيراً ..

أخيراً عائشة تستسلم لرغبتها ، نفذت القوي لكبت جماحها ، إحساسها صارخ ، لهفتها مجنونة ، ولم تكن ذلك السيدة القوية بعد .

استسلم كل شئ بعائشة ، ولكن ربما حاولت التماسك شيئاً ، ألقت بأقفال كبريائها ، وحطمت تكبل كرامتها ، رضخت والرضوخ لزوجها الذي يشعر بها ، ولكن ينتظر رائحة طيبة تفيد النضج ، فأطلقت الأنفاس الساخنة ، صوت حنين اشتياقها فجر المشاعر ، ثوران ضعفها جعلها تفتقد بريق رجولتها المخفي ، إلا أن زوجها كفيف ولكن يري بأذنة ، يشعر بلمساتة ، يري بقلبة ، راح زوجها يفرد يدة لعل زوجتة تستجيب ، ولكن لم تنتظر عائشة ، لأن الاستسلام قد اخترقها ، وضعت عائشة رأسها علي ذراع زوجها والتفتت ناحيتة ، ليشعر زوجها بسخونة أنفاسها المتسارعة ، ويشتم رائحة نضج جسدي ، لا يخجل ليضع يدة الثانية علي الجسد الناضج ، وهنا لا تقوي عائشة علي كتم تنهيدة إشتياق مكبوتة ، وحينما سمع صوت زوجتة إلا أنه استفاق من غفلتة ، وتناسي تعبة ، وطرح الخجل خارجاً ، ف الفرسة جاهزة والساحة فارغة وحان وقت إفراغ الطاقة بالتسارع والسباق نحو الهدف المرغوب . 

صوت عائشة أشعرة برجولتة ، مشاعرة استفاقت ، إرادتة اصبحت قوية ، نفذ وقت صبرة ، وبدء عنفوان الشباب ، مشاعرة فائرة ، رغبتة ثائرة ، نظراتة زائرة ، ولكن ليس هذا وقت يستحب التفريط بلحظاتة ، ولكن حان وقت الفعل . 

نجحت عائشة علي إثارة زوجها ، ونجحت أيضاً علي إضعاف إرادتة ، زوجها .. مفعم بالطاقة والحيوية ، والذي لا يعلم طعم الملذات الحقيقية ، ها هو أصبح كالثور الهائج ، يعلم ما علية فعلة ، لكن حركاتة هوجاء وعشوائية لا يطيق الصبر ، ولا يدرك المسئولية . 

فقط يرغب في اشباع رغباتة ، وإرضاء نزواتة ، وإضعاف قدرات زوجتة ، التي ما دامت تمنعت علية سابقاً ، ها هو يغرقها في مشاعر لا تستطيع إلا الاستسلام ، أصبحت بين يدية أنثي حقيقية ، المواجهة أصبحت بين ذكر هائج ، وانثي مستسلمة ، فلم تدرك عائشة ما هي كانت علية إلا بعد الانتهاء من نشوتهم ، تحاول جمع شُتات أنوثتها ، ها هي ترتجف إرتجاف ليل الشتاء في شهر كيهك ، والنظرات شاردة ، والعرق أغرق المكان ، وجسد عائشة كأن الشمس أشرقت علية ؟ . 

أدركت عائشة الأن أن الأمر مختلف ، وأن الزواج يستحق التضحية ، وأنها لم تشعر هكذا شعور من قبل ، وعلمت أيضاً أن الرجال ليس واحداً ، وليس كحرف الألف ، ففي ألف عليها همزة ، وألف أسفلها همزة ، وألف بدون همزة وهمزتها تائهة مثل نظراتها أنذاك ، وأنه يوجد قاموس لمائة كلمة ، وأيضاً قاموس لمليون كلمة ، علمت أيضاً أنها أول مرة تتزوج ، وكيف يكون الزواج من شاب يمتلك قوة تحمل مفرطة ، وهنا لم تدرك عائشة معني الحضن بنهاية العلاقة الزوجية إلا مع زوجها حسن الذي قام بأحتضانها بين ذراعية ، بعد علاقة أراحت عائشة ، وأستهلكت كل قواها المكبوتة . 

وفي الصباح تستيقظ عائشة وهي سعيدة ونشيطة ولم تستطيع ترك زوجها لوحدة ، إلا أن إحدي بناتها تتسائل خارجاً ، لما كل ذلك التأخير والإفراط في النوم ، لتصفعها الأخري أنها لم تعلم أي شئ لأنها نامت مبكراً ، ولكن هي وأختها علموا ما لا يجب أن يعلموة ، وعند استيقاظ زوجها متأخراً ، تخرج عائشة وهي سعيدة والبهجة تملأ وجهها وقد صغرت عشر سنين ، لتخبر بناتها بتحضير وجبة الفطار لزوجها الذي يريد أن يتناول وجبة الفطار وهو مسترخي قليلاً ، لأستعادة قواة مرة أخري وأن يستريح أيضاً . 

وفي مساء يوم آخر يجلس الجميع يتسامرون ويتحدثون مع بعضهم أثناء شرب كوب الشاي ، تسأل فوزية الشيخ حسن هل يجيد قرأة القرآن وتلاوتة فقط ، أم صوتة عذب أيضاً في الأغاني ، الأمر الذي جعل الشيخ يجاوب بدون تردد أن صوتة عذب في التلاوة والغناء أيضاً ، لتطلب منة أن يغني إحدي روائع السيدة / أم كلثوم ، ويغني الشيخ ، وبعد الغناء تطلب عائشة من فاطمة وفوزية شراء بعض الطلبات من السوق لانها ستكون في العمل منذ الصباح الباكر . 

وفي الصباح الباكر وعائشة تقوم بغسل ملابس السيدة / نفيسة العجوز ، ذات الغناء المعتدل ، والسكن في إحدي المناطق الراقية ، تكتشف عائشة انها نسيت الدبلة الخاصة بها في المنزل ، ولكن تهدأ بعد إنزعاجها الذي أرهق في التفكير ، حيث أنه لا يوجد أحد مع الشيخ سوي نبوية ، ولكن تطمئن نفسها وهي ليست هكذا ، وفاطمة وفوزية ذهبوا الي السوق لشراء أغراض المنزل ، أما نبوية فهي في المنزل ومهمتها الأعتناء بنظافة المنزل ، وهي تقوم بعملها المسند إليها ، رأت دبلة والدتها ونظرت للغرفة وجدت الشيخ مسترخياً وشفاة تتحرك ولكنها لا تستمع ما يقول ، وقفت نبوية مترددة ، وتفكر ، هل ترتدي الدبلة أم لا ، المنزل خالياً والجميع في الخارج ، والأصوات التي سمعتها تحمل في طياطها الكثير والكثير ، والأفكار في رأس نبوية لا تهدأ ، وإن عرف أحد شيئاً لا يستطيع مواجهتها لجرائتها .

قررت نبوية إرتداء الدبلة التي شعرت وقتها أنها في منزل الزوجية ، ذهبت الي الغرفة دون تردد أو خوف ، والفرصة سانحة لا محالة ، أخذت الفطار ووضعتة في الغرفة ، وحين مغادرتها رأت الشيخ يمسك بيدها يتحسس الدبلة ، ثم يجذبها نحو السرير لتغلق نبوية باب الغرفة ، حتي لا يعرف أحد شيئاً . 

بعد فترة من الزمن عادت فاطمة وفوزية وقد أحضروا الطلبات ، ويجدوا نبوية قد فعلت ما يجب فعلة وفي انتظارهم لتحضير الطعام لوالدتهم التي حضرت من العمل بعد تعب وإرهاق شديد ، وبعد مماطلة من السيدة / نفيسة والإفراط في طلباتها ، الأمر الذي جعلها تعود مسرعة من العمل للبحث عن الدبلة ، إلا أن عائشة تهدأ عند رؤية الدبلة في مكانها وتستريح بعد شرب الماء . 

وبعد شرب الماء وإرتداء الدبلة ، تدخل عائشة غرفتها وزوجها مسترخياً ، إلا انها داعبت زوجها أن بعد العشاء ، لابد من لحظات الاحتواء ، ليبتسم الزوج الكفيف مُخبراً أياها ، أن الأحتواء ، واجباً في الصباح والمساء . 

وبعد أكل الوجبة السمينة ، التي تعطي حياوية ونشاط ، التي تساعد الزوج والزوجة علي المزيد من العناء ، تخبر عائشة زوجها أنها ذاهبة الي الفراش لكي تستريح ، وبعدها بلحظات يدخل الشيخ غرفتة وهو يعلم ما سيحدث ، وبعد الانتهاء من واجباتة الزوجية ، يداعب زوجتة ضاحكاً ، أنها كانت مختلفة عن الصباح ، ولماذا لا تفعل هكذا في الصباح ؟ أم أن هذا فعل الوجبة الدسمة الذين تناولوها ؟ . 

استمعت عائشة الكلمات ، ولكن !! تسمرت ! ، وفجاءة تخدرت ! ، أدركت معاني الكلمات ، وبالكاد جرحت ، والجرح جرحين ، والقاتل واحد ، الكلمات صعقتها ، ولكن لا تكترث ، فما حطمها وجعلها أشلاء أنثي ، أن الفاعل أقرب لها من الوريد ، ولا مبرر للخائن ، والخائن ليس غريباً ، ولا يجرؤ الغرباء علي هكذا فعل ، فلعل المستحب لدي المرأة أن تقتلها مئات المرات .. ولكن لا تخذلها وتخونها ولو مرة ، وما دامت لم تُقصر في شئ ، لذا لماذا الخيانة ؟ ، الدموع تنهمر ، والجرح غائر ، والفاعل دنئ ، والفعل أكثر خساسة ، والمر سكن في أرجاء عائشة بدون مقدمات ، ف يالها من ضربة خنجر ثاقب . 

الحب دمرتة كلمات ضاحكة ، والمشاعر بقايا أنسان ، والترابط أشلاء حروب ، ونبوية الصامتة في العشاء تحوم حولها الشكوك ، ولكن ما جرح قد جرح ، وما ثُقب قد ثُقب ، والقاتل أثنين ، وفراق أحدهم مر .

 الفاعل الثاني زوجها ، الذي يتواري خلف إعاقتة ، والذي أذاقها حلو المشاعر ، وأرق الكلمات ، والذي جعلها أرض تُنبت مرة أخري . 

والفاعل الأول مُعلق من صلة الرحم ، ويالها من أصعب اللحظات التي تمر الأن ، وجع الخيانة أصعب كثيراً من لحظات وفاة الرجل الأول الذي استراح وترك لعائشة المعاناة ، ربما خسارة الزوج تعوض ، ولكن كيف يعوض ابن الدم ؟ ، الذي شاركها النبض قبل الطعام ، وشاركها الحياة قبل الشراب . 

الصباح يأتي والنوايا تظهر ، وتأكد الشكوك ، ولكن حُكم الليل لليل ، والصباح ليس رباح ، ف الصباح يحمل الاثبات ، ويعلو صوت القاضي بالأحكام . 

يمر الليل ذاحفاً ويأتي الصباح متوارياً .

وتخرج عائشة من غرفتها وهي تكبر سن الستين ، وتنادي ، وها هم البنات حاضرون ، لعل الحزن والآسي من زوجها حسن ولكن الآلم والحسرة والندم يحضرون في إحداهم ، وما يفضح الفاعل نظراتة الهزيلة ، وكلماتة المقطعة ، وارتجاف التوتر ، وما أعمق من ذلك : أن المجروح يشعر بأخية ، والمخدوع يري نفسة في غيرة ، نظرات عائشة الجريئة فضحت نظرات نبوية الدنيئة . 

تأكد الجرح ، والجرح نافذ ، والآلم زرع في الأحشاء ، ربما توقف القلب عن عملة ، وعجز المُخ عن أدائة . 

أفشاء السر يدمر مسيرة أخواتها الذين لم يخطئوا ، وأن أفشت أيضاً فضحت بنتها ، وحملت عار فعلتها ، وأن أفشت خسرت زوجها ، ودمرت حياة بناتها ، وجعلت الطمع فيهم طمعين ، والقباحة تتحول لجمال فتاك ، ولكن الرفض .. يؤكد المواجع القديمة ، والقرار من الصمت والي الصمت نعود ، ولا خير فيمن تمرد علي بلواة . 

يعم الصمت بين عائشة ونبوية ، وترسم البسمة وجة فاطمة وفوزية ، وما يزعج عائشة مرة أخري ، طلب فاطمة الذي جعل النار تشب داخلها مرة أخري ، الطلب لا يستدعي كل ذلك ، والطلب طبيعي ، والطلب ارتداء الدبلة مرة واحدة ، ولكن ما وراء ارتداء الدبلة وحش كاسر ، لا يفرق ولا يميز ، فمن بعد واقعة نبوية وكل شئ يحدث كالعادة وبالتعود ، ولكن دون نبض أو حياة . 

ولا تستطيع عائشة علي غضب فاطمة ، هي الكبري .. والعاقلة ، ولم تفعل هذة الأشياء ، تعطيها عائشة الدبلة لارتدائها وتحذرها من العواقب التي لا تدركها فاطمة . 

وفي عشاء اليوم التالي تصمت فاطمة بجوار نبوية ، ويتأكد خوف عائشة ، أصبح الهم والوجع أثنين ، والفاعل اثنين والزوج لا يفرق .

 عاد لعائشة الآلم والحسرة ، ولكن من إعتاد الجرح ، لا يشعر به مثل أول مرة ، ومن ضُمت جراحة وجرح فلا ينفذ الجرح مثل المرة السابقة ، ومن تحمل المرة الأولي علية بتحمل التالية ، أما الخيبة الكبري ان نبوية الآن تعلم سبب سكوت فاطمة ، وفاطمة فطنت أيضاً لسبب سكوت نبوية ، والشيخ حسن يدرك أو لم يدرك فلا يبالي ولا يكترث ، فقط يستمتع بغنائة ونكاتة مع فوزية ، يشعر بالاختلاف ، نعم .. وليكن ، ما دام الأمر لم يؤكد والتنوية لم يعلن فلا بأس ، الحياة حياة ، والموت حساب ، وأنما ربما فوزية حان دورها لصنع الشاي المستحب للشيخ . 

ويمر الليل ويأتي الصباح وعائشة تعمل لدي السيدة/ نفيسة ولا تبالي لعمل ، ولا مواعيد،ولا أي شئ . فقط ، تعمل بدون رضا وتذمر ، والليل حل ، ولا يفرق ليل عن ليل، ربما ساعات ويأتي يوم آخر ، والأيام تمر والحياة أمر . 

الشيخ ليس بالمنزل وفوزية تعمل في المنزل ، وأخواتها خارج المنزل ، فوزية سعيدة ، مر وقت طويل وهي تجلس وحيدة في المنزل ، فهذة عادة لم تكرر كثيراً ، تعمل بحريتها وبسعادة ، هي المدللة ، وهي أيضاً صاحبة الرومانسية الطاغية ، لا ترهب دخول غرفة والدتها لترتيبها وتنظيفها ، وهي تصنع ما يتوجب عليها فعله ، تضع من البرفان الخاص بوالدتها ، والدبلة تتخلل إصبعها ، وتنظر لنفسها في المرأة ، وهي تتذكر حالها في بيت زوجها ، ولكنها تستفيق علي أيدي رجل جائع يتحسس يدها وجسدها ومفاتنها ، هول الصدمة يسكتها ، ترتعد ، ترتجف ، وما أحسن ذلك الشعور لرجل يضنية الاشتياق للحظة مثل هذة والمنزل فارغ ، يغلق الشيخ حسن باب الغرفة ، ويغرق فوزية بنار اللهفة والاشتياق . 

تأتي فاطمة ونبوية وعائشة من الخارج والانتظار من فوزية داخل الدار ، لا يظهر عليها شيئاً ، ولا يبدو عليها مكروة ، فقط صامتة . 

ويوم آخر ، وصمت آخر ، وذكريات أخري ، والشيخ حسن يجلس وحيداً خارج المنزل في لحظة صمت ولحظة إدراك ، ولحظة حساب مع النفس ولم يستمع لأحد ولا يجيب ، والنساء يعملن داخل المنزل ، بصمت ولا حديث . 

ويوم آخر، وصمت آخر، وذكريات أخرى، والشيخ حسن يجلس وحيداً خارج المنزل في لحظة صمت ولحظة إدراك، ولحظة حساب مع النفس ولم يستمع لأحد ولا يجيب، ولكن ينتبة على صوت أذان صلاة العصر وينسكب علية مشروب الشاي الساخن ليستفيق من غفلتة ويستغفر ربه على ما تقدم وما تأخر من ذنوب، والنساء يعملن داخل المنزل، بصمت ولا حديث