قصة ملهمة لشاب مصري يُدعى محمود ذكي، فقد أسرته بالكامل في سن مبكرة، وتحدى الظروف الصعبة والإصابة القاتلة ليبدأ رحلة نجاحه في الإعلام والعمل المجتمعي. نموذج ملهم لكل من يظن أن الألم نهاية الطريق ، تعرف على تفاصيل رحلة كفاحه .
النشأة في حي شعبي.. حيث بدأ الحلم رغم الصعوبات
في أحد أحياء القاهرة الشعبية وُلد محمود محمد ذكي محمد عابدين في 1 يناير 1995. وسط أسرة بسيطة ومتماسكة، بدأت ملامح الحلم تتشكل منذ طفولته، رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية. كان أصغر أبناء الأسرة، نشأ على قيم المسؤولية والتحدي، قبل أن تبدأ سلسلة من الأحداث القاسية التي شكّلت شخصيته.
عشق الكرة مبكرًا.. والوصول للفريق الأول قبل السقوط القاسي
منذ الصغر، كان محمود يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف. لعب ضمن فرق الناشئين في الأهلي وإنبي والمقاولون العرب، ونجح بالفعل في الوصول إلى الفريق الأول بالنادي الأهلي.
لكن في لحظة فارقة، وبينما كان على أعتاب تثبيت مكانته، أصيب إصابة خطيرة في الرباط الصليبي وغضروف الركبة. وأثناء تلك الفترة الصعبة، توالت عليه الصدمات بفقدان أسرته بالكامل واحدًا تلو الآخر، مما ضاعف من قسوة الموقف.
ورغم الألم، حاول أن يعود من جديد، لكن إصابة ثانية مشابهة كانت القاضية، لتنهي مشواره الكروي رسميًا. إلا أن لحظة السقوط الثانية، كانت بداية الوقوف على أرض جديدة.
بداية جديدة.. من العلاقات العامة إلى الإعلام
بعد توقف حلم الكرة، أعاد محمود توجيه طاقته. التحق بفريق العلاقات العامة، حيث كان يجمع بين النشاط في جامعة القاهرة وجامعة حورس، وأظهر خلالهما تميزًا لافتًا في تنظيم الفعاليات والتواصل الجماهيري.
ثم انتقل للعمل في شركة جهينة، والتي وفرت له بيئة مستقرة مهنيًا وماديًا، وفتحت له باب التوازن بين العمل والطموح الشخصي.
لكن شغفه بالإعلام ظل مشتعلاً. التحق بجريدة "قلب الحدث" كمحرر صحفي، ثم أطلق برنامجه الإذاعي على راديو قلب الحدث، ليبدأ مرحلة جديدة من التأثير الصوتي والبصري في مجتمعه.
مأساة عائلية خلال الإصابة.. فقدان الأسرة في لحظة ضعف
ما يجعل قصة محمود مختلفة هو أن وجعه جاء وهو في أضعف حالاته. خلال فترة إصابته الأولى، فقد والده، ثم والدته، ثم شقيقته، وأخيرًا شقيقه الأكبر، في سلسلة صادمة من الفقد المتتابع. تركته تلك الفواجع وحيدًا تمامًا، وهو لا يزال شابًا في مقتبل العمر.
أما شقيقه الآخر، فمختفٍ منذ أكثر من 30 عامًا، ولا يزال محمود يحلم بلقائه يومًا ما.
قال محمود في تصريح خاص لـ"المصري اليوم":
"صحيت في يوم لقيت نفسي لوحدي حرفيًا، ماكنش في حد جنبي غير ربنا. حسيت إني لازم أكمل، مش علشاني بس، علشان كل اللي راحوا يفضلوا فخورين بيا."
النجاح رغم الألم.. رسائل أمل من قلب المعاناة
رغم كل ما مر به، لم يسمح محمود للحزن أن يعطّله. بل حول ألمه إلى وقود للنجاح. تولّى منصب مشرف العلاقات العامة بالنقابة العامة للصحافة والإعلام، وانضم إلى لجنة حقوق الإنسان، وشارك في مبادرات مجتمعية لدعم المحتاجين واليتامى.
> "أنا مشيت مشوار طويل لوحدي، لكن عمري ما كنت فعلاً وحيد. كنت حاسس إن ربنا شايفني، وإن كل اللي مريت بيه ماكانش عبث، بل كان إعداد لمعركة النجاح."
رسالة أمل.. وحلم بمشروع خيري
يحلم محمود الآن بتأسيس مشروع خيري لرعاية الأيتام والفقراء، ليكون هو اليد التي كان يتمنى أن تمسك به في وقتٍ ما. حلمه اليوم أن يكون سببًا في فرجٍ لغيره.
>"نفسي أكون سبب في فرج لحد، زي ما كنت بتمنى حد يفرج عني زمان."
قصة محمود ذكي.. من الظلام يولد الضوء
قصة نجاح محمود ذكي ليست مجرد حكاية شاب واجه الظروف، بل هي دليل حي على أن الألم قد يكون بداية القوة، وأن فقدان الدعم لا يعني فقدان الطريق.
في زمن يحتاج فيه الشباب إلى قدوة من الواقع، يقدّم محمود نموذجًا فريدًا في التحدي، والطموح، والإيمان بأن القدر قد يوجع، لكنه لا يُقصي من كان له حلم حقيقي.
تابعنا علي وسائل التواصل الاجتماعي