بعد إلقائه خطابات مؤثرة في جامعات ومجتمعات خاصة في لبنان وتركيا، أطلق أحمد شماس حملته الجديدة في مصر. بالتعاون مع جامعات كبرى ومؤسسات خاصة، يسعى شماس إلى خلق موجة من التغيير المستدام الذي يدوم مدى الحياة، تغيير لا يقوم على العاطفة العابرة بل على اتخاذ قرارات واعية، واختيارات يومية، ومسؤولية طويلة الأمد.
أحمد شماس ليس متحدثًا يسعى إلى التصفيق، بل إلى صناعة الفعل. عمله قائم على التجربة الشخصية لا على النظريات. بعد إشرافه المباشر على أكثر من 200 شخص، وإلقائه محاضرات في مدن مختلفة، وتعاونه مع مؤسسات خاصة ومنظمات غير حكومية، كشف شماس عن الحرب الصامتة التي يخسرها كثيرون دون وعي، الحرب بين من هم عليه ومن يمكنهم أن يكونوا عليه.
"معظم الناس لا يفشلون بسبب الضعف، بل يفشلون لأنهم ينتظرون. يترددون. وكل تردد يغذي الندم." — أحمد شماس
في عالم تغرقه الضوضاء وتضيع فيه النوايا، تأتي رسالة شماس قاطعة. إذا لم تبنِ مستقبلك بوعي، فستبنيه الحياة عنك دون وعي. والحياة لا تبني دائمًا برفق.
في كل محاضرة يحضرها، يرى الحقيقة نفسها تتكرر. أشخاص يملكون الطموح والرغبة، لكنهم ينتظرون. يؤجلون. يساومون مخاوفهم حتى تنتصر عليهم. يعتقدون أن لديهم المزيد من الوقت. لكن الحقيقة أن الوقت لا ينتظر أحدًا.
كما يذكرهم شماس:
"الندم مثل الفاتورة التي تصلك في نهاية الشهر. كل ثانية تمر، أنت تتخذ قرارًا، سواء أدركت ذلك أم لا. كل قرار تتخذه يُضاف إلى فاتورتك. وفي نهاية الشهر، تمامًا مثل فواتيرك العادية، ستستلم فاتورة اختياراتك اليومية. قد يكون رصيدك إيجابيًا أو سلبيًا، لكنك ستكون وحدك من يدفع الثمن."
المعركة الحقيقية: من اللوم إلى المسؤولية
فلسفة أحمد شماس ليست مجرد تنظير. إنها نابعة من معاناة حقيقية.
نشأ في بيئة فقيرة في لبنان، حيث كان الحلم يعتبر تمردًا، والنمو الشخصي خيانة. في كل مرة حاول فيها التغيير، واجه مقاومة أشد. وكلما آمن بشيء أكبر، ذُكر بمكانه وحدوده.
في البداية، قاتل بكل ما أوتي من قوة. حاول الخروج عن قيود محيطه. لكن مع تصاعد المقاومة، انهار. لفترة طويلة، ألقى باللوم على العالم من حوله، على المجتمع، العائلة، والظروف.
"اعتقدت أن العالم هو من حطمني. اعتقدت أنهم سرقوا مستقبلي. لكن العدو الحقيقي لم يكن في الخارج. كان بداخلي. أنا من سمح بذلك. أنا من اختار ذلك. مواجهة هذه الحقيقة كادت تدمرني، لكنها في النهاية أنقذتني." — أحمد شماس
التحرر من اللوم لم يكن لحظة عاطفية، بل حرب داخلية مع النفس. كان عليه أن يهدم كل الأعذار التي استخدمها ليبرر ضعفه. أن يقبل بأن لا أحد سيأتي لإنقاذه، وأن لا أحد مدين له بشيء.
هذه الصحوة أصبحت جوهر رسالته اليوم. لا يهم ما الذي يحدث لك. المعركة الحقيقية دائمًا تبدأ داخلك. إما أن تحطم نفسك، أو تبني نفسك.
وبناء نفسك ليس قرارًا لحظة واحدة، بل التزام متجدد يوميًا، خصوصًا في الأيام التي يبدو فيها الاستسلام هو الخيار الأسهل.
الثقة بالمستقبل الذي لا تراه
من أصعب الدروس التي تعلمها شماس، وأصبح يعلمها اليوم، أن تثق بالمستقبل. ليس بالمستقبل الذي يفرضه الآخرون، بل بالمستقبل الذي تبنيه بنفسك.
"تعلم من ماضيك. اختر بقوة في حاضرك. ثق في المستقبل. ثق في الشخص الذي أنت بصدد أن تصبحه، حتى وإن لم تستطع رؤيته بعد." — أحمد شماس
التغيير صعب لأن المستقبل لا يُرى بوضوح. التقدم بطيء، والتصديق نادر. لكن كل قرار صعب تتخذه اليوم، هو حجر في بناء مستقبل لا تراه بعد. إما أن تثق في المسار، أو تخونه بالتردد.
في إحدى محاضراته في مصر، سأله طالب: "كيف أبقى ملتزمًا بينما كل من حولي عالقون؟"
ابتسم شماس وأجاب: "لا تنتظر أن يلحق بك العالم. تحرك أولًا. ابنِ أولًا. وعندما تتغير تردداتك، سيتكيف العالم معك. ولكن فقط عندما تتوقف عن طلب الإذن."
القيادة تبدأ بالتحرك قبل أن يصدقك أحد. بالبناء قبل أن يؤمن بك أحد.
التكلفة الحقيقية: الندم
الندم لا يبدأ بالصراخ. يبدأ بالهمس.
يكبر في الخلفية بينما تؤجل قراراتك وتساوم مخاوفك.
لكن حين تسمعه بوضوح، يكون الأوان قد فات.
"الندم هو الفائدة التي تدفعها على مخاوفك. إنه الفاتورة التي تقدمها لك الحياة بعد سنوات من التردد. لا ينسى أحدًا، ويحاسب الجميع." — أحمد شماس
شماس يذكر الجميع أن كل ثانية تمر، أنت تتخذ قرارات.
كل قرار، مهما بدا صغيرًا، يُضاف إلى فاتورتك النهائية.
وفي النهاية، أنت وحدك من سيتحمل تكلفة ما اخترته أو ما تجاهلته.
الخاتمة: القرار بيدك
مهمة أحمد شماس في مصر، تمامًا كما هي مهمته في العالم كله، هي مساعدة البشر على بناء حياتهم قبل أن تبنيها لهم الحياة بالصدفة.
إنها رسالة يومية، تبدأ من اختيارك الصغير في كل لحظة، وصولًا إلى بناء حياة كاملة تستحق أن تعيشها.
لأن الحرية تُكسب عبر المسؤولية.
ولأن القوة تُبنى عبر اختيارات واعية ومؤلمة.
"الندم لا ينسى. كل يوم تؤجل فيه نموك، أنت تطعمه أكثر. كل يوم تتحرك فيه، أنت تضعفه أكثر. اختر بحكمة." — أحمد شماس
المستقبل لا ينتظر أحدًا.
والندم لا يغفر لأحد.
إما أن تختار طريقك بنفسك، أو سيُفرض عليك الطريق دون أن تختار.
تابعنا علي وسائل التواصل الاجتماعي